بيروت في 1 حزيران 2015
بيان -اسبوع الوساطة
افتتح اليوم في مقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان "أسبوع الوساطة" برعاية وزير العدل اللواء اشرف ريفي، والذي ينظمه المركز اللبناني للوساطة التابع للغرفة. وذلك بهدف التعريف عن هذه الوسيلة لحلّ النزاعات بطريقة عمليّة، وسريعة وأقلّ تكلفة ومنح قطاع الأعمال فرصة فريدة لحل النزاعات بمساعدة وسطاء من المركز.
وحضر حفل الافتتاح بالاضافة الى الوزير ريفي، رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار، رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس مجلس امناء المركز اللبناني للتحكيم والوساطة محمد شقير، وزير الاعلام السابق وليد الداعوق، مدير عام وزارة العدل القاضية ميسم النويري، نقيب المحامين في بيروت جورج جريج، رئيس غرفة طرابلس والشمال توفيق دبوسي، رئيس جمعية المصارف فرانسوا باسيل، رئيس اتحاد رجال اعمال البحر المتوسط جاك الصراف، نواب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد لمع، غابي تامر، نبيل فهد، رئيس لجنة تطوير مركز التحكيم والوساطة صلاح عسيران، رئيس نقابة المطاعم والمقاهي والملاهي في لبنان طوني الرامي، رئيس نقابة تجار مال القبان ارسلان سنو، وحشد كبير من الفعاليات الاقتصادية ورجال الاعمال.
شقير
استهل الحفل بكلمة لشقير، قال فيها: "أهلاً بوزير العدل والاعتدال، وزير المحبة والاخلاق والروح الطيبة، بوزير الحق والحقيقة، الذي نال حب الناس واعجابهم لأخلاقه وعمله الدؤوب في سبيل وطنه وأهله وناسه. لقد خرجت من مديرية قوى الأمن الداخلي مرفوع الرأس، وحائزا على محبة الناس واحترامهم، فهذه المناقبية والوطنية العالية والمترفعة التي مارستها خلال وظيفتك الى أبعد الحدود، تتجسد اليوم في عملك على رأس وزارة العدل". واضاف: "نحن في لبنان ما أحوجنا الى العدل، فهو اساس الملك، ومن دونه لا تبنى الأوطان، ولا تحوذ مهما فعلت على احترام الدول من حول العالم".
وتابع شقير: "نعرف جيدا ونقدر عاليا ما تقوم به في وزارة العدل، لكن نعرف أيضاً ان يدا واحدة لا يمكن لها ان تصفق. كما لا يمكن للدولة ان تستمر على هذا الحال". وقال: "نريد أمنا واستقرارا، نريد حياة كريمة، نريد عدلا ومساواة، نريد سيادة الدولة على كامل أراضيها، نريد وطنا بكل معنى الكلمة، وأكثر ما نريد رئيسا للجمهورية يقود البلاد".
وأكد شقير "اننا في غرفة بيروت وجبل لبنان بيت الاقتصاد اللبناني، نعمل بكل ما أوتينا من قوة للدفاع عن الاقتصاد الوطني وتوسيع الآفاق أمام رجال الاعمال اللبنانيين في الخارج تعويضا عن الخسائر الداخلية، كما نحاول قدر المستطاع توفير المقومات التي تحمي الحقوق التجارية، وهذا أمر أساسي، لاعطاء الطمأنينة للشركات الوطنية والأجنبية كي تستثمر وتعمل في لبنان"، مشيرا الى انه تم انشاء المركز اللبناني للتحكيم عام 1995 وعهد إليه فض النزاعات التجارية. وكان لا بد للغرفة من مواكبة التطور الحاصل في هذا المجال، فجاء قرارنا بإنشاء المركز اللبناني للوساطة عام 2012، كوسيلة اضافية لحل النزاعات، وبالتالي كنا أول من أدخل الوساطة التجارية الى لبنان".
وقال: "نهدف من ورشتنا اليوم، الى تعميم ثقافة الوسطاة، من أجل مساعدة رجال الأعمال اللبنانيين على تخفيض التكاليف القانونية وحل النزاعات التجارية بسرعة وسهولة، ما يساعد على نمو أعمالهم وخلق فرص العمل. كما ان الوساطة تخدم بشكل فاعل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري لاقتصادنا، لا سيما أنها في كثير من الأحيان لا تستطيع الاستمرار بسبب النزاعات القضائية الطويلة والمكلفة، وهنا نؤكد ان هدفنا الدائم هو خدمة هذه المؤسسات ودعم تطورها ونموها".
ولفت الى ان "تقرير لـDoing Business أظهر أن تنفيذ أحد العقود جبرا يستغرق حوالي 721 يوما في لبنان، ويكلف نحو 30 في المئة من قيمة المبالغ المطالب فيها، فيما الوساطة التجارية عملية سريعة تتيح للشركات تسوية النزاعات عن طريق التفاوض المباشر مما يساعد في المحافظة على الثروة، وعلاقات الأعمال القيمة". وقال: "لقد بات لدينا اليوم مركزا متكاملا، وهو يؤدي خدمات جمة للسوق التجارية. نأمل أن يسهم في التخفيف عن المحاكم، وكذلك مساعدة رجال الأعمال على التفرغ إلى نشاطاتهم بعيدا عن تعقيدات الاجراءات والمداولات القانونية".
وتقدم بالتهنئة من الوزير ريفي لاكتمال عقد مجلس القضاء الاعلى، وقال: "القضاء هو أساس دولة القانون التي نحلم بها والتي للأسف لا تزال بعيدة المنال".
عسيران
ثم القى عسيران كلمة، قال فيها: "نحن اليوم مجتمعون لاطلاق اسبوع الوساطة المنظم من المركز اللبناني للوساطة والذي يتخلله أنشطة عديدة منها تقديم دورات للمقاولين والـstart-ups، اضافة الى تقديم جلسات وساطة مجانية للشركات في نزاع معين"، مشيرا الى ان الوساطة كما إجتُمع على تعريفها، هي وسيلة حُبّية رضائية، يلجأ من خلالها مَن نشأ نزاع بينهم إلى شخص ثالث محايد مستقل هو الوسيط، يسعى لحثهم على التحاور والتفاوض فيساعدهم على بناء حلّ يتوافقون عليه ويرضونه مخرجاً لخلافهم"، موضحا ان "الوساطة وبخلاف التحكيم، لا يمكن أن تنتج عن قرار ملزم للوصول إلى قرار ملزم يبت بالنزاع، بل هي إلتقاء إرادتين على التحاور لصنع إتفاق مصالحة بمساعدة الوسيط. مما يجعل البنية الأساسية لها منطلقة من إرادة الأطراف وليس قراراً ملزماً من القاضي".
وقال عسيران: "التوفيق يُلاقي الوساطة بكونه من الوسائل البديلة لحلّ المنازعات، بكونه يسعى للصلح ويحضّ على الحوار. وما يميز الوساطة هي السرية التامة أستقلالية الوسيط والحل الذي ياتي من الفرقاء وليس من الوسيط مما يفسح المجال للإبداع في إيجاد الحلول وطرح خيارات متنوعة مما يتناسب مع ضرورات عالم الأعمال".
وبعدما قدم عرضا عن الوساطة وأهميتها وفوائدها وخصائصها، اوضح عسيران اننا "لسنا بصدد ان نقول ان كل النزاعات يجب ان تحل بالوساطة. فان هناك نزاعات لا تحل الا في القضاء او التحكيم. نحن اليوم أردنا في أفتتاحية اسبوع الوساطة أن نؤكّد ان عالم القضاء والمحاماة والأعمال مجتمعين للقول أنّ الوساطة اداة يجب أن تكون متداولة أكثر في مجتمع الأعمال لأنها تساعده على حل النزاعات بما يناسب تطلعاته وحاجاته".
جريج
أما جريج، فتناول في بداية كلمته نشأة الوساطة وتسميتها والدول التي تعتمدها، وقال: "نحن اذاً أمام تقنية الحلول البديلة لتسوية النزاعات خارج قوس المحكمة، من خلال اجتماع عدة عناصر مكوّنة لها تعرف بإدارة الدعوى، والتقييم المبكر الحيادي للنزاع، والتحكيم غير الملزم، واجتماع التسوية والوساطة لبلوغ الحلّ.
واضاف: "رغم أن لا ذنب للقضاة لهم ولا مسؤولية عليهم في هذا الموضوع، الا ان الأفراد والجماعات غالباً ما تلجأ الى الحلول البديلة: للتخلص من العدالة القضائية البطيئة، للرغبة في اختيار هيئة الوساطة وعدم تركها للقدرية وسوء الوقوع على قاض غير مأمون، وهو قلة ضمن أكثرية من خيرة القضاة، للتكلفة الأقل نسبياً على كل المستويات، مادياً، ومعنوياً"، مشيرا الى أن اتفاقية البنك الدولي بشأن تسوية نزاعات الاستثمار تنص على اللجوء إلى التوفيق قبل التحكيم، الى جانب اجراءات أخرى من وسائل حسم النزاعات بطريقة ودية. كما أن لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية "اليونسترال" وضعت قواعد للتوفيق قبل اللجوء إلى الحلول الاخرى، نصت على نظام المصالحة الاختيارية ووضعت له إجراءات خاصة به. ونصت اتفاقية المؤسسة العربية لضمان الاستثمار على ضرورة اللجوء إلى الوساطة والتوفيق كحل بديل لحسم النزاع قبل اللجوء إلى التحكيم".
وقال جريج: "يبقى الصلح سيد الاحكام، وتبقى كل الوسائل مباحة ومتاحة باستثناء وسيلة واحدة، اللجوء الى القوة والعنف لحسم الخلاف. فالأقوى ليس دائماً على حق". واضاف: "لا يمكن ونحن في هذه الغرفة الوطنية الا ان نؤكد اننا نعيش زمن شغور لا تنهيه إلا صناعة وطنية خالصة وقد تكون المناسبة الوحيدة التي تكثر فيها الوساطات دون جدوى. شكرا لكل الاهتمام ولكل وساطة، لكن الفعل هو في مكان واحد، مجلس النواب".
ريفي
والقى الوزير ريفي كلمة قال فيها: "بعد اعتماد جمعية غرف التجارة والصناعة للبحر الأبيض المتوسط "أسكامي" للمركز اللبناني للتحكيم والوساطة فى غرفة بيروت وجبل لبنان كأول مركز للتحكيم والوساطة فى حوض البحر المتوسط، في إشارة واضحة لمدى مهنية وإحتراف عمل هذا المركز في مجال حل النزاعات عن طريق المصالحة الحبية أو التحكيم، ها هو المركز يثبت من جديد أنه أهل للمسؤولية الموكلة إليه في هذا المجال، فيطلق هذا المؤتمر الذي يأتي خطوة في إطار الجهود المبذولة للتعريف والترويج عن الوساطة كوسيلة لحل النزاعات بطرق عملية سريعة وأقل كلفة". وأضاف: "إن الجهود التي تبذلها غرفة بيروت وجبل لبنان لأجل خلق وتوفير بيئة أعمال ملائمة للاستثمارات في لبنان لا حدود لها، فقد نشطت في تعميم ثقافة الوساطة في عالم الأعمال من خلال تدريب الوسطاء من القطاعات كافة ومتابعة قضايا الوساطة التجارية، ونشر التوعية حول أهمية الوساطة وفوائدها"، معتبرا ان "الوساطة تشكل صورة من صور الوسائل البديلة لحل الخلافات كالتحكيم، وإعمالها يتطلب تدخل شخص ثالث محايد ومستقل عن فرقاء النزاع، يقرب وجهات النظر بينهم ويسهل التواصل ويشجع على ظهور حل مشترك يختاره الفرقاء بإرادتهم وبكل حرية".
وأوضح الوزير ريفي ان "اعتماد الوساطة لا يشكل حلولاً محل دور القضاء كما يفهم البعض ذلك خطأً، فالحقيقة أن الوساطة تشكل عملاً متمماً لعمل القضاء وخاضعاً كالتحكيم في نهاية المطاف لمصادقة القضاء ورقابته ضمن حدود تكرسها القوانين المرعية، والوساطة قد تكون قضائية أي بقرار من القضاء لكنها على الدوام خطوة إرادية أي لا تفرض فرض بل تأتي بنتيجة توافق الفرقاء على اللجوء الى الحل الحبي ولكن برعاية قضائية حيث يقوم القاضي بتعيين الوسيط بعد عرض الوساطة على الفرقاء وقبولهم بها، وللأسف فحتى اليوم لم يصار الى إقرار قانون الوساطة القضائية في لبنان".
وقال الوزير ريفي: "تساهم الوساطة في حل النزاعات الصغيرة مما يجنب المحاكم كثرة القضايا المطروحة أمامها ويخفف على المتقاضين نفقات التقاضي وتسمح للفرقاء بإيجاد حل يراعي مصالحهم وحاجاتهم دون أن تحسم النزاع لمصلحة طرف على الأخر مما يساعد في الحفاظ على روابط العلاقة بين فرقاء النزاع، فهي تطبق مبدأ "لا غالب ولا مغلوب" هو المبدأ المعتمد في حل الخلافات السياسية في لبنان".
وتناول الوضع السياسي، فقال: "بالحديث عن الخلافات السياسية، فإننا نؤكد مجدداً ان هذا البلد لا يحكم بالإستئثار بالقرار، وعدالته لا تقوم على الكيل بمكيالين، فكل اللبنانيين سواء أمام القانون، والقضاء اللبناني يقوم بدوره الحامي لهذه المعادلة رغم بعض الشوائب التي يسببها وجود المحاكم الإستثنائية وطول أمد المحاكمات، وهو ما دفع بنا الى إطلاق خطة نهضوية في وزارة العدل قوامها هيكلية جديدة وحديثة تحقق الإستقلالين المالي والأمني للقضاء تطبيقاً لمبدأ فصل السلطات الذي لا يجب أن يقتصر تطبيقه على ممارسة الصلاحيات بل أيضاً على سبل تحقيق حاجات ومتطلبات عمل السلطة القضائية فلا يكون تحققها مرهوناً برغبة السلطتين التشريعية والتنفيذية".
وأكد الوزير ريفي ان "مطالبتنا الدائمة لإلغاء المحاكم الإستثنائية وإستبدالها بالمحاكم المتخصصة يأتي ضمن إطار ما سلكته اكثر الدول تطوراً في مجال العدالة الجنائية، حيث تم إرساء نظم خاصة بتحقيق العدالة الجنائية في قضايا الإرهاب وغيرها من القضايا التي تمس الامن القومي للدول، فالتخصص لدى القضاة الناظرين في هذا النوع من القضايا وإجراء المحاكمة على درجتين بما يحقق عدالة أكثر دقة وممارسة اوسع لحق الدفاع، يشكلان عنواناً رئيسياً في خطتنا الرامية الى إلغاء المحاكم الإستثنائية وإستبدالها بالمحاكم المتخصصة".
وختم بتقديم التهنئة للغرفة ورئيسها محمد شقير "على جهودكم الحثيثة في خلق بيئة حاضنة ومشجعة للإستثمار المالي في لبنان، وفي رفع مستوى المعرفة من خلال تنظيم ندوات ومؤتمرات ودورات تدريبية في مجال الوساطة وغيرها من المؤسسات القانونية التي باتت تلعب دوراً مهماً في إرساء الإستقرارين الإقتصادي والإجتماعي للدول، هذه هي البيئة التي تنسجم وتطلعات الشعب اللبناني، إنها النقيض لبيئة حاضنة للجهل والتطرف والإرهاب ورفض الأخر، بفضل أمثالكم سيبقى لبنان منارةً للعلم وعنواناً للديموقراطية والحرية، مهماً إشتدت الظروف ومهما كثرت التحديات والصعوبات، وسيبقى رهاننا على الدولة ومؤسساتها، وسنظل ومعنا أكثرية الشعب اللبناني رافضين للخضوع والخنوع، فنحن شعب عاشق للحرية محب للحياة طامح على الدوام لعيش أفضل في ظل مجتمع تسوده عدالة القانون لا قانون اللا عدالة".
توقيع اتفاق
في نهاية حفل الافتتاح وقع شقير ممثلا المركز اللبناني للوساطة والرامي ممثلا نقابة اصحاب المطاعم والمقاهي، اتفاق لاعتماد المؤسسات المنتسبة للنقابة مركز الوساطة لفض نزاعاتهم التجارية عند حصولها.
كما وقع 15 شركة مع المركز تعهدا بتضمين العقود التي يوقعونها مع اطراف أخرى بند الوساطة، كوسيلة لحل النزاعات.
ثم انتقل الجميع الى نادي الاعمال في الغرفة حيث اقيم غداء تكريما للمشاركين.